تعزي (الكلمة) والتي تصدر في لندن ويرأس تحريرها الدكتور صبري حافظ، في هذا العدد الجديد، العدد 92 ديسمبر/كانون أول 2014، والذي تودع معه عامها الثامن، القراء في رحيل أكثر من مبدع كبير: من سعيد عقل في لبنان إلى رضوى عاشور ومحمد ناجي في مصر. وقد اهتمت الكلمة بذلك الرحيل الحزين، فأعادت نشر آخر دراسة كتبها محررها عن الكاتبة الكبيرة، وأعدت على عجل ملفا عن محمد ناجي الذي لم ينل حقه من التقدير والاهتمام. كما جاء العدد حافلا بالمواد النقدية والإبداعية، مشغولا بعدد من القضايا الثقافية والفكرية والسياسية، وحتى الثقافية من العالم الرقمي إلى استشراء الخفة في كل شيء. فيتناول ما يحاك لعالمنا العربي من مؤامرات، منطلقا من دراسته لثورة أكتوبر السودانية التي يمر نصف قرن على تآمر الثورة المضادة عليها، ويواصل التعرف على تجليات التآمر المعاصرة، وخاصة ما يدبره العدو الصهيوني لفلسطين إزاء عالم عربي يتهاوى في اكثر من مكان. كما يطوف العدد بدراساته وتأملاته المختلفة في ثقافات متعددة، سواء منها الأفغانية مع خالد حسيني أو الإيرانية عند ناهيد رشلان، أو الإيطالية مع إيتالو كالفينو، أو الفرنسية مع الفائز الجديد بنوبل باتريك موديانو أو الأطراس التاريخية السورية كما تتجلى في عزازيل، وغيرها من الثقافات التي تتناولها دراساته واشتباكات كتابه مع نصوصها. وقدم العدد كالعادة رواية جديدة، جاءت هذه المرة من مصر، وديوان شعر قصير من فلسطين. كما ينطوي العدد على كثير من الدراسات التي تطرح العديد من القضايا أو تتابع بالتحليل والمسح والتمحيص منجزات الإبداع العربي من شعر ورواية ومساراته؛ مع المزيد من القصائد والقصص، وأبواب (الكلمة) المعهودة من دراسات وشعر وقص وعلامات ونقد ومراجعات ورسائل وتقارير وأنشطة ثقافية.
وتجمع (الكلمة) على عجل بعض ما نشر عن محمد ناجي، في ملف العدد، شاعر الرواية العربية الجميل الذي رحل وهو مليء بالإبداع، آملة أن ترد بهذا المحور الصغير، وليس الملف بالمعنى الكامل للكلمة، عن هذا المبدع الكبير شيئا من الغبن الذي حاق به، لأنه نأى بنفسه عن المؤسسة، وابتعد عن الحظيرة وعن الفساد. ويستعيد "شاعر الرواية المصرية" كل من الناقد الدكتور صبري حافظ في مقاربته "نوعية علاقات الزمن الردئ في رجل أبله امرأة تافهة"، والناقد عبدالله السناوي في "الغريب والغفران"، والكاتب محمود عبدالشكور وهو يرصد "أربعة مفاتيح لدخول مدينة الروائي محمد ناجي"، والكاتب إيهاب الملاح وهو يقربنا من "محمد ناجي روائي القلق والصنعة". ويفتتح الناقد الدكتور صبري حافظ باب دراسات بدراسة "رضوان عاشور.. وقدرة الفن على استنطاق المحو"، أمام صدمة الفقد في رحيل كاتبة عربية كبيرة إذ يعيد نشر آخر دراسة له عن روايتها الأخيرة، حتى يتاح للكلمة أن تعد عنها ملفا جديرا بإنجازها الكبير، ويسعى الكاتب المصري عاطف سليمان في دراسته "لو أن قارئا، في نهار صيف، صارح كالفينو" أن يدير حواره الإبداعي مع رواية كالفينو ومع أطيافها المتخفية، ويرى الناقد المغربي أحمد بلخيري أن رواية "الأجمة" للمفكر والكاتب حسن أوريد تتعلق بتاريخ الجزائر في العصر الحديث، وتكشف قراءة الناقد المصري محمد سمير عبدالسلام في "السخرية والتمرد والهويات المؤجلة" وهي قراءة لرواية المتوج بجائزة نوبل، عن جدة الكتابة عنده وعن حساسيته لما يفعله ثقل الواقع المعاصر، وتكشف الباحثة السودانية خديجة صفوت في القسم الثالث عن دراستها بمناسبة مرور نصف قرن على ثورة أكتوبر السودانية، "انتصار الربا على التجارة والمصادرة على التحرر الوطني" عن البنية التحتية للثورة المضادة، ويقدم الناقد المصري ممدوح فراج النابي قراءته لرواية الكاتب الأفغاني خالد الحسيني الجديدة حيث "الأشباح الممزقة والماضي الذي يطارد أشخاصه" باعتبارها رواية المرايا والتقابلات، وتكشف دراسة نافيد كيرماني "ألمانيا قامت عمليا بإلغاء اللجوء كحق أساسي" عن التحولات التي انتابت الدستور الألماني.
في باب شعر تنشر الكلمة ديوان شعري من فلسطين للشاعر نمر سعدي بعنوان "أنت حديقة من الغيوم وأصابعي جمر لا ينطفئ" وهي قصيدة طويلة تقعد لمسار صوت شعري يبحر في متاهات الحياة، هذا الى جانب قصائد للشعراء: وداد بنموسى، فتح الله بوعزة، كمال كوكب، عدنان الظاهر، عبدالسلام الشبلي، حكيم نديم الداوودي. أما في باب السرد فنقرأ رواية المصري أشرف توفيق "إلماح" حيث نتتبع حياة زوجين مصريين يدرسان في باريس ويتحاوران في الثقافة والحياة، الى جانب نصوص قصصية للمبدعين: عيد أسطفانوس، خليل الوافي، حسين الموزاني، أميرة الوصيف، أسامة الخواض، ليلى بارع.
في باب النقد يفكك الشاعر عباس بيضون محاورات وجدالات مع أدونيس في "النقاش الأدونيسي"، ويتناول الباحث سعيد بوخليط رواية "فدان الجمل/ وجدلية المكان واللامكان" حيث الروائي يتغيا كتابة تسعفه في توضيح قناعاته، وفي "شواهد القبور: روائع من الأدب الوعظي" تتبدى في مقالة الكاتب أحمد أبو زيد استعارات الشواهد كإحدى المصادر التسجيلية ولحيوات الأفراد، ويرصد الكاتب عبدالجبار خمران آخر مسرحيات جليلة بكار وفاضل الجعايبي في "صرخة شعب يريد الحياة"، بينما يشير الكاتب عبدالإله محرر الى "التحولات المجتمعية في ظل البردايم الكوني الحالي" الى أزمة مركبة تعيشها المجتمعات، ويحتج الكاتب مصطفى فمية على استشراء الخفة في كل شي في مقاله "الاحتفاء بالخفة"، ويتناول الباحث ناجح المعموري "الأطراس الأسطورية في النص الأيقوني" في مستوياته المتعددة في إنتاج المعنى، ويتوقف الباحث محمد السغروشني عند "ثقافة الزمن الرقمي" بما يطرحه من ترسانة معرفية، أما الشاعر جمال الموساوي فيستبين في قصص المرزوقي أسئلة "الكتابة لاستدراك ما فات".
في باب علامات يذهب طوف الكاتب صبحي حديدي بعيدا حيث تتداعى الذكريات من مرقدها حيث يستحضر أطياف سيرة صديقه القاص والناشط السوري جميل حتمل الذي وافاه فراغ الموت في المنفى فتحول إلى علامة. بينما يحتفي باب شهادات وموجهات بشهادة الكاتب يوسف بورة في "مكتبتي هي أمي" المسكونة بأوجاع كتبي وهمومه. في باب كتب يتتبع الناقد شوقي عبدالحميد يحيى آثار الحرب العراقية الإيرانية في روايتين عراقية وإيرانية، وفي "إثبات وجود الرقوق والمذكرات" يرى الكاتب وئام البدعيش أن الرواية المستندة على وقائع تاريخية تتميز بخصوصيتها الأدبية، بينما يرى الناقد علي كاظم داود في "السرد بالأحلام" أن الرواية الإيرانية تقدم سيناريو مكتمل لحياة غرائبية، الناقد نورالدين كرماط يبحث عن "جمالية العتبات" في رواية قصيرة تتداخل محكياتها، ويكتب الناقد الصادق بنعلال عن "شمس المتوسط أو نحو رواية حضارية راقية" قراءة لنص يحمل خلفية ثقافية، بينما يذهب الناقد باسم المرعبي الى تيمة الشتات العراقي في "طشاري: مزحة روائية بمغالطات تاريخية".
بالإضافة إلى ذلك تقدم المجلة رسائل وتقارير و"أنشطة ثقافية"، تغطي راهن الوضع الثقافي في الوطن العربي. لقراءة هذه المواد اذهب إلى موقع الكلمة في الانترنت: http://www.alkalimah.net